29 - 06 - 2024

اقرأني لتراني | ذكريات أولى ثانوية عامة (2)

اقرأني لتراني | ذكريات أولى ثانوية عامة (2)

(أرشيف المشهد)

  • 14-8-2015 | 14:40

حين علت وجهى الكآبة بعد ان إنهالت علينا التليفونات تسأل لماذا لم أذهب لحفل وزير التربية والتعليم لاعتماد النتيجة - لأنه لم توجه لى دعوة لا رسمية ولا غير رسمية ولا حتى تليفون كعادة الحال مع أهالى الأقاليم - حاول أخى الأكبر أن يسرى عنى وعن أبى والناس كلها ويصحح الصورة، فأجرى إتصالاته مع بعض الأقارب فى القاهرة ورتب لى عدة لقاءات صحفية فى بعض الصحف والمجلات بالإضافة إلى ظهور على الهواء فى نفس موعد إذاعة حلقة الوزير والأوائل على التليفزيون المصرى، كأنها إستكمال للحلقة. كانت مدينة كفر الزيات كلها قد إغتمت حين لم أذهب وكأنها كانت تنتظر تلك المناسبة لتحتفل إحتفالها الخاص جدا. كيف لم ينتبه أبى رحمة الله عليه أننى فى هذا الوقت كنت إبنة البلدة كلها حين أصر أن الأصول أصول وأنه لا ذهاب كالمتطفلين بدون دعوة أو تليفون؟ كيف لم يربط بين إحتفالات الناس الخاصة فى البيوت وبعضهم لايعرفنى وبين أهمية أن أمثلهم وأرفع رأسهم؟ وحين إنهالت التليفون لتطمئن او تؤنب خرجت عمتى بحدوتة تنقذنا بها جميعاً أننى كنت مريضة بالحمى!

إستضافتنا عمتى فى القاهرة ، كنا نخرج يوميا انا وأخى من الصباح ونعود فى المساء فى عز الحر، وكانت صدمة القاهرة المزدحمة مقارنة بمدينتى الصغيرة الهادئة الخالية من المواصلات سوى الحنطور والدراجة والسيارات الخاصة مرعبة. كنت أحضر للقاهرة قبل ذلك لمناسبة او أخرى، فى عربة مقفولة بسائق، أما أن أكون فى شوراعها المجنونة هكذا حتى ولو فى حمى أخى كان صعباً علىّ.وكان لتجربة الأيام الحارة الثلاث بالغ الأثر فى مسألة إختيار الكلية، لكن تلك قصة أخرى!

بدأت أعيد تأكيد قناعاتى عن الصحفيين بعد أول تجربة مباشرة معهم. كان مما كٌتب عنى أن الصحفى الهمام دون ذكر أسماء دخل عندنا ليجدنى للتو خارجة من صلاة العشاء، وسألنى إن كنت اتوقع أن أكون من الأوائل أم لا وأننى رددت عليه قائلة أننى كنت اتوقع هذا لولا مادة التاريخ التى لم أحسن فيها كما تمنيت!! ثم حين بشرنى بالنتيجة خررت ساجدة!! لم يحدث أى من هذا.كنت ألمع الفازات وننظف حين أتانا الصحفيون وكنت متفاجئة ومرتبكة.

كان الوسط الإعلامى  كله يثير ذعرى، بمرونة كلماته وسهولة إعادة تشكيلها لتناسب الحدث والمساحة المطلوبة، كنت بدأت أربط بين كلمات الإعلام الرنانة وكتب المواد الإجتماعية التى كنت اذاكرها واحاول أن أبحث عن تطبيقاتها فى أرض الواقع ولا أجد. أخذت موقفاً صارماً من الإعلام، ناكراً حتى لمحاسنه أو مميزاته. كان هذا فى الثمانينيات قبل ظهور الصحف الخاصة والمستقلة والصحافة الإلكترونية بما لها وما عليها. سنوات مرت وأفكار كثيرة جدت ثم إنتهى بى الأمر اننى أكتب لكم الآن من صحيفة ومن قبلها صحف أخرى كثيرة ، بل وتزوجت من صحفى ولى الكثير من الأصدقاء الصحفيين الأمناء! الألوان ليست فقط أبيض وأسود!

وكان هذا ثانى دروس الحياة الصعبة، ما ترفضه اليوم، قد تمارسه غدا!

مقالات اخرى للكاتب

فى رثاء الخالة: متلازمة الصدمة





اعلان